المملكة العربية السعودية ترتقي بمشهد الحوسبة السحابية لتحقيق الأهداف الطموحة لرؤية المملكة 2030

مقال ضيف بقلم مطيع شغليل، الرئيس التنفيذي لشركة Bespin Global في الشرق الأوسط وأفريقيا، إحدى شركات e& Enterprise


شهد يوم 13 أبريل 2023 نقلة نوعية في تاريخ الحوسبة السحابية في منطقة الخليج العربي، والذي أعلن فيه صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، عن إطلاق المنطقة الاقتصادية الخاصة للحوسبة السحابية والمعلوماتية في المملكة العربية السعودية، الأولى من نوعها في المنطقة.

تقع المنطقة في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وتتيح لمزودي الخدمات السحابية إنشاء مراكز بيانات في مختلف أنحاء المملكة، وبالتالي توفير مجموعة متنوعة من خدمات الحوسبة السحابية انطلاقاً من المنطقة المخصصة. وتعمل المنطقة وفق بيئة تنظيمية متخصصة تقدم للمستثمرين العديد من الحوافز الجذابة والمناسبة لأعمالهم. وتمثل المنطقة تجسيداً مباشراً لسياسة «الحوسبة السحابية أولاً» في المملكة، حيث تعمل على تسريع الابتكار في مختلف أنحاء السعودية، فضلاً عن إسهامها بشكلٍ أساسي في الناتج المحلي الإجمالي ورفد الجهود الرامية إلى تحقيق الأهداف الطموحة لرؤية المملكة 2030.

تمثل المنطقة السحابية سوقاً للحوسبة السحابية ضمن المملكة يسير وفق وتيرة تصاعدية، حيث تسهم في الحفاظ على مستويات الزخم القوية. وتتمتع المملكة بإمكانات واعدة نظراً لاحتضانها أضخم سوق لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المنطقة. كما احتلت المركز الثالث عالمياً والأول في المنطقة كأكثر الدول تطوراً وفق أحدث بيانات مؤشر نضج الحكومة الرقمية الصادر عن مجموعة البنك الدولي. وتبرز ملامح التطور والتقدم في المملكة من خلال إطلاق منصة شاهد لخدمات البث وتطبيق توكلنا الرقمي. وتتمحور رؤية المملكة حول الارتقاء بجودة حياة السكان من خلال مجوعة واسعة من الخدمات المتكاملة والمتسقة، إلى جانب منصة أبشر الإلكترونية التابعة لوزارة الداخلية التي تقدم مجموعة من الخدمات الرقمية.

تعد التكنولوجيا والحوسبة السحابية في القطاع العام ركائزاً أساسية في رؤية المملكة 2030. ويرى المحللون في القطاع أن الحوسبة السحابية ستسهم بملغ قدره 7 مليارات ريال سعودي في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بحلول عام 2030، بالتوازي مع تنامي اعتماد خدمات الحوسبة السحابية إلى نسبة 80% في القطاع العاام لوحده.

سيكون للقطاع الخاص نصيب لا بأس به من هذا التقدم الاستثنائي، إذ تسجل المملكة معدل نمو سنوي مركب غير مسبوق بنسبة 40% في الحوسبة السحابية، وهو أعلى بكثير من المتوسط العالمي.

توفر المملكة أرضاً خصبة لممارسة أعمال الحوسبة السحابية، حيث تسهم في تمكين التحول الكبير على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي الذي تنطوي عليه رؤية المملكة 2030، بما في ذلك إنشاء بنية تحتية مدعومة بالبيانات للخدمات الرقمية الحكومية، وتقديم خدمات مبتكرة تركز على المواطنين وفق وتيرة سريعة وآمنة، ودعم تسهيل مزاولة الأعمال، وبناء قطاع تجزئة واقتصاد رقمي حيويين ومتنوعين وقائمين على المعرفة، وتعزيز التركيز على الاقتصاد المستدام الناشئ.

يمكن للقطاعين العام والخاص المساهمة في تحسين الموارد وتوفير مزيدٍ من الوقت للتركيز على الابتكار، من خلال اعتمادهما للحلول السحابية المتطورة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وتعلم الآلة. ومن خلال التحول من الاعتماد على الأنظمة التقليدية في المؤسسات إلى الأنظمة القائمة على السحابة، يمكن للمؤسسات تحقيق وفورات كبيرة في التكاليف وتعزيز الكفاءة التشغيلية والمرونة الشاملة للبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات.

ساهم استبيان المؤسسة الدولية للبيانات حول اعتماد التوجهات السحابية في القطاع ضمن منطقة الشرق الأوسط عام 2022 في زيادة التركيز على القضية، وأشار إلى أن الحكومات في المنطقة وفرت حوالي 100 مليون دولار أمريكي من خلال الانتقال إلى الحلول السحابية أو اعتمادها. كما وفرت الحكومات المحلية 30% من ميزانياتها من خلال الانتقال إلى الخدمات السحابية. واختتم الاستبيان بتوقعات جريئة تشير إلى أن الحلول السحابية ستصبح أسلوب الحوسبة الأساسي في المنطقة بحلول عام 2027، وسيصعب على أي شركة استخدام نماذج عمل جديدة وأنظمة بيئية دون الاعتماد على الخدمات السحابية.

تتشارك الحلول السحابية مع رؤية المملكة 2030 في منح الأولوية للمرونة التي أصبحت اليوم من السمات الرئيسية للحكومات الديناميكية وسريعة الاستجابة في القرن الواحد والعشرين. وتسهل المنصات السحابية الاستخدام السريع للخدمات والتطبيق، مما يمكن الحكومات من الاستجابة بسرعة للمتطلبات المتغيرة مع ضمان تحقيق قابلية التوسع اللازمة لدعم الأهداف الطموحة.

يمكن أن تساهم الحلول السحابية في تعزيز جهود الحكومات الرامية إلى تحقيق الحياد الكربوني وتلبية متطلبات المسؤولية البيئة والاجتماعية والحوكمة في المؤسسات والشركات. وتعمل الحلول السحابية على تعزيز كفاءة الطاقة من خلال تحسين مراكز البيانات لتصبح أكثر كفاءة من الشركات الفردية، مما يؤدي إلى زيادة الكفاءة في استخدام الموارد وإدارة الطاقة، والذي بدوره يقلل الاستهلاك الإجمالي للطاقة. كما تتميز الشركات التي تستخدم خدمات الحوسبة السحابية بانخفاض استهلاكها للطاقة وإصدار الانبعاثات الكربونية وإنتاج النفايات، مما يساهم في بناء مستقبل أكثر استدامة.

أفادت أمازون ويب سيرفسز، التي تدير مركزاً للبيانات في الشرق الأوسط، بأن بنيتها التحتية في المنطقة تتفوق على مراكز بيانات الشركات في أوروبا والولايات المتحدة من حيث كفاءة الطاقة بمقدار خمسة أضعاف بالمقارنة مع أوروبا وبمقدار 3.6 أضعاف بالمقارنة مع الولايات المتحدة. كما تساهم عمليات أمازون ويب سيرفسز على المستوى الإقليمي في الحد من الانبعاثات الكربونية بنسبة 80%، مع توقعات بوصولها إلى 96% عند استخدام الطاقة المتجددة بشكلٍ كامل العام القادم.

تعتزم المملكة العربية السعودية التحول إلى مركزٍ رائد في مجال اعتماد الحلول الرقمية والسحابية. كما تمنح رؤية المملكة 2030 أهميةً قصوى للتحول الرقمي بصفته ضرورة استراتيجية لتأسيس بنية تحتية تواكب متطلبات المستقبل، فضلاً عن تعزيز الابتكار وتقديم خدمات تركز على المواطنين وضمان قابلية التوسع السريع والالتزام بأعلى معايير الامتثال التنظيمي. ويشير افتتاح المنطقة الاقتصادية الخاصة للحوسبة السحابية والمعلوماتية في المملكة يوم 13 أبريل 2023 إلى المبادرات المستقبلية الواعدة والإنجازات الاستثنائية القادمة.

شارك المحتوى |
close icon